اهداف ومقاصد سورة الحديد



اهداف ومقاصد سورة الحديد





سورة الحديد
هدف السورة :
تحقيق الإيمان في قلوب المؤمنين (التفسير المباشر)
التصنيف : مدنية
سبب التسمية :
لورود لفظ الحديد في قوله (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس(25) الحديد)
آياتها : 29
أسمائها : الحديد

 

مقاصد السور: د/ محمد الخضيري


  • هي أول المسبِّحات والمسبِّحات هي سورة الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن، خمس سور هذه تقال لها المسبِّحات افتتحت بمادة التسبيح سبّح ويسبِّح أما السور التي افتتحت بمادة التسبيح فهي سبع هذه الخمس و (سبحان الذي أسرى بعبده) سورة الإسراء (وسبح اسم ربك الأعلى) التي هي سورة الأعلى، والعجيب أنها استوعبت أهم تصريف الكلمة فهي بالمصدر (سبحان الذي أسرى)، وبالفعل الماضي (سبَّح) في الحديد والحشر والصف، المضارع يسبح (يسبح لله) في الجمعة والتغابن، بالأمر (سبِّح اسم ربك الأعلى). 
  • هذه السورة افتتحت بتعظيم الله عز وجل وذكر صفاته ثم هي سورة الإيمان، هذه سورة الإيمان افتتحت بالإيمان واختتمت بالإيمان قال الله عز وجل فيها بعد أن أثنى على نفسه (آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وفي آخر السورة قال مبينا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) فهذه سورة الإيمان. 
  • ولما كانت سورة الإيمان أراد الله أن يبين فيها أثرًا عمليًا من آثار الإيمان وهو الإنفاق في سبيل الله ولذلك ذكر مع الإيمان في هذه السورة الإنفاق كثيرًا فقال في أول آية (آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا) وقال (وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) وهذه الآية تدل على أن السورة مدنية هذا هو الصحيح وان كان الخلاف قوي جدًا بين العلماء في كون هذه السورة مكية أو مدنية ولكن هذه الآية تدل على أن السورة مدنية. وقال في الإقراض (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ).
  •  ثم بيّن جزاء المؤمنين في الآخرة (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ) لما تقع الظلمة في يوم القيامة، تقع ظلمة عظيمة لا يُبصر أحد شيئًا يجعل الله لأهل الإيمان نورًا هذا النور يكون بإيمانهم مثل الكشّاف ترى طريقك حتى تصل الجنة. وأما المنافقون فاسمعوا قول الله عز وجل (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا) أي انتظرونا (نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ ) ما الذي يحصل؟ الحاصل أن الله يجمع المؤمنين والمنافقين سواء لماذا؟ لأن المؤمنين والمنافقين كانوا مجتمعين في الدنيا سواء كانوا ساكنين مع بعض ويصلّون مع بعض بل أحيانًا يجاهدون مع بعض ولكن هؤلاء قد استتروا أو ستروا النفاق الذي في قلوبهم وتستروا بأعمال المؤمنين خدعوا الناس في الدنيا، ففي يوم القيامة يخدعهم الله فيحشرهم مع أهل الإيمان فهم يقولون في هذا المشهد كما كنا معهم ندخل معهم (يخادعون الله وهو خادعهم) ففي تلك اللحظة تظلم يوم القيامة فتقع الظلمة العظيمة فيضع الله النور بإيمان المؤمنين فيمشي المؤمنون فيقول المنافقون (انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) في الدنيا ألم نكن نصلي معكم ونساكنكم وكنا نتزاوج مع بعض؟! (قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) بعد ذلك تأتي

 


هدف السورة التوازن بين المادية والروحانية (البيان القرآني / خواطر قرآنية)
  • السورة مدنية, وهي تدل في آياتها على أنه علينا التوازن بين المادية والروحانية, وتحدثت السورة عن نوعين من الناس: الماديين الذي أخذتهم الحياة وخاطبهم الله تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) آية 16، وتكلمت أن الذين عاشوا في روحانية مطلقة وخاطبهم الله تعالى: (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) آية 27، والنموذجين لم يستطيعوا أن يكملوا حمل الرسالة والمنهج. وجاءت الآية بعد خطاب الماديين (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) آية 17 أن الله الذي يحيي الأرض بعد موتها فالله تعالى القادر على إحياء الأرض بعد موتها قادر على أن يحيي القلوب في الصدور.

  • فالسورة تقول مخاطبة أمة محمد: أنتم لا ماديين كبني إسرائيل ولا متفرغين للروحانية كالنصارى إنما أنتم متوازنين بين الاثنين.

  • وفي السورة آية محورية هي من أهم آيات السورة (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) آية 25 (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات): تدل على الروحانية، و(أنزلنا الحديد): تدل على الماديّة. وعليها سميّت السورة: (الحديد) وفي قوله (وليعلم الله من ينصره) إشارة إلى استعمال الحديد في الصناعات وعدة الحروب والغواصات والمدافع والسيوف والرماح. فيا أمة محمد  يا أمة الحديد وأمة الإيمان وازنوا لأن الكون كله متوازن؛ ولذا بدأت السورة بعرض كل المتضادات في الكون وكل شيء متوازن بأمر الله تعالى فهل يعقل أن تكون أمة سورة الحديد ليس لديها تكنولوجيا؟ فعلينا أن نهتم بالصناعات التي فيها قوة الإنسان في السلم وفي الحرب وعدّته في البنيان والعمران.


إرسال تعليق

0 تعليقات