أهداف ومقاصد سورة لقمان
سورة لقمان
هدف السورة :الأمر باتباع حكمة الله، وبيان أن كتابه هو الحكمة الحق التي يجب اتباعها لما تضمنه من الهدى والرحمة وأن ماسواه باطل، وإظهار كمال حكمته تعالى في أوامره وآياته ونعمه على خلقه تذكيراً بمعرفتها وشكرها وتحذيراً من الغفلة والتكذيب بها. ويؤكده تكرر لفظ الحكمة والحكيم فيها أربع مرات. (د. الربيعة)
سبب التسمية :ذكر قصة لقمان وحكمته ووصاياه لابنه
التصنيف : مكية
أسمائها :لقمان
عدد آياتها :34
سورة لقمان من السور المكية وهي أيضا مفتتحة بقوله تعالى : (الم ) والسور المفتتحة ب(الم) 6 : سورة البقرة ، آل عمران ، العنكبوت ، الروم ، لقمان ، السجدة وتسمى عند العلماء بالواميم
وهذه السورة ظاهر فيها أنها تؤكد على أمر الحكمة فقد جاءت بالحمة وافتتحت بقوله (
تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3) ، فذكرت بعد ذلك أفعال الحكيم كونه يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة وأنه لا يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ولا يولي عن آيات الله مستكبرا كأن لم يسمعها
ثم ذكرت نموذجا للحكمة في لقمان ، هذا الرجل الصالح الذي لك يكن نبيا وكان رجلا نوبيا في عهد داود عليه السلام وقد آتاه الله الحكمة فكان ينطق بها ويفعلها ، والحكيم كما يقول العلماء : هو الرجل الذي يصيب في القول والفعل ، فمن أصاب في القول والفعل فهو الحكيم .
وليست الحكمة مقصورة على الأتيان بالشيء المناسب في الوقت المناسب أو وضع شيء بموضعه بل هي حتى في عمل الإنسان وفي اعتقاده وكلامه .
ذكر الله نموذجا للحكمة في لقمان قال تعالى ( وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ) وهذا يدل على أن الحكمة من الله يؤتيها من يشاء من عباده وعلى الإنسان أن يسأل الله تعالى أن يؤتيه الحكمة .
ثم بين اقتران الحكمة بأمر : وهو الشكر فالشاكر هو من يرزق بالحكمة (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ )
ذكر الله عز وجل كيف أن لقمان من حكمته أنه وعظ ابنه فقال (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ )
فأول ما يبدأ به وتعرف به حكمة الإنسان أن يكون موحدا لله تعالى وألا يضع عبادته وعبوديته لغير الله ، ثم ذكر الله عز وجل بعد ذلك الوصية بالوالدين (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ )
ثم قال لقمان (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) هذا من الحكمة ، وهو أن تعرف الله عز وجل حق المعرفة وتعلم أنه مطلع عليك عالم بك ولا تخفى عليه من شئونك خافيه ، ومن أمتلأ قلبه بهذا صار أكثر الناس استقامة على الطريق إذا راقب الله في كل تصرفاته وأفعاله
وبعد أن انتهى من تأسيس الاعتقاد من النهي عن الشرك والتركيز بما يجب لله من الحق ، بدأ بالأوامر والنواهي فقال (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ) ولاحظ كيف الحكمة في ترتيبها ، أمره بإقاة الصلاة ثم أمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم الصبر على ما يصيبه لأنه قل ما يأمر الإنسان بالمعروف وينهى عن المنكر إلا وأن يصيبه شيء من الأذى الذي يكون من الناس (إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) أي من الأمور التي يعزم عليها لأنها عظيمة القدر عند الله عز وجل .
وبعد أن انتهى من الواجبات انتقل إلى الآداب والأخلاق قال (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ) تصعير الخد هو إمالته على وجه الكبر والعلو على الخلق ، (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) لا تمشي مشية الفرح البطر الذي لا يتذكر الآخرة ولا يخاف من الله عز وجل ولا يتواضع لعباد الله (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ) لا السريع الذي يعاب على الإنسان ويخل بوقاره ولا البطيء
(وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) أي لا ترفع صوتك فوق الحاجة
هذه هي خلاصة ما جاء في هذه القصة
وصارت السورة في بقيتها في الدلالة على الله عز وجل بتوحيده وبيان حقه جل وعلا الذي يعتبر هو أساس الحكمة وأصلها .
وختمت بقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) وهذه الخمسة هي مفاتح الغيب المذكورة في سورة الأنعام
0 تعليقات