ماذا بعد حفظ القران
حفظ القرآن الكريم من أجل نعم الله تعالى على العبد
فيا من حفظ القرآن اعلم أنك حزت كنزا عظيما ووساما جليلا فتمسك به يقول تعالى ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، واعلم انك حزت على نعمة كبيرة تستحق الحسد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تَحَاسُدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ فَيَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ رواه البخاري 6974
واعلم ان المحافظة على القمة أصعب من الوصول إليها عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا رواه البخاري 4645
قوله ( تعاهدوا ) أي استذكروا القرآن وواظبوا على تلاوته واطلبوا من أنفسكم المذاكرة به لا تقصروا في معاهدته واستذكروه
وقال ابن بطال هذا الحديث يوافق الآيتين : قوله تعالى ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) وقوله تعالى : ( ولقد يسرنا القرآن للذكر ) فمن أقبل عليه بالمحافظة والتعاهد يسّر له ومن أعرض عنه تفلت منه . فتح الباري .
ما يفعله الحافظ بعد أن يحفظ :1- الخوف من الوقوع في الرياء :
لا تنتظر من الناس ثناء ولا تقديرا و لا تتأثّر بمدحهم وإطرائهم إخلاصا لله
فالمرائي بالقرآن معرض نفسه للعقوبة الشديدة الواردة في حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه... ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها؟ قال : تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)، والواجب على مريد النجاة الحرص على الإخلاص واستمرار سلامة القصد والنية.
2- الحذر من الغفلة عن العمل بالقرآن والتأدب بآدابه والتخلق بأخلاقه :
يا حافظ القرآن ما دمت حفظتيه في قلبكِ فاحفظ به جوارحك قال القرطبي رحمه الله في تفسيره : يجب على حامل القرآن وطالب العلم أن يتقي الله في نفسه ويخلص العمل لله فإن كان تقدم له شيء مما يكره فليبادر التوبة والإنابة وليبتدئ الإخلاص في الطلب وعمله ، فالذي يلزم حامل القرآن من التحفظ أكثر مما يلزم غيره كما أن له من الأجر ما ليس لغيره . .
لأن القرآن إنما أنزل ليعمل به، ويتخذ نبراساً ومنهاج حياة، قال ابن مسعود رضي الله عنه »أنزل القرآن ليعملوا به فاتخذوا دراسته عملاً، إن أحدكم ليقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفاً، وقد أسقط العمل به« ، وقال بعض أهل العلم : »إن العبد ليتلو القرآن فيلعن نفسه وهو لا يعلم، يقول : ألا لعنة الله على الظالمين، وهو ظالم نفسه، ألا لعنة الله على الكاذبين، وهو منهم« ، وقال أنس رضي الله عنه : »رب تال للقرآن والقرآن يلعنه« (4).
3- الخشية من العجب بالنفس والتعالي على الخلق :
إياك والتكبّر على من ليس بحافظ فلربما أفلح المقلّ المعذور وخسر الحافظ المغرور
فالعجب استعظام النفس لـما بذلت من أسباب لتحصيل حفظ القرآن الكريم والله تعالى هو الهادي إلى ذلك والمعين على تسـهـيـلــه وتحققه، ولولا إحسانه وفضله لما تمكن العبد من حفظ القرآن أو بعضه، والواجب بدلاً مــــن ذلك شكر الله تعالى على نعمته بمعرفتها حق المعرفة وإسناد الفضل إليه سبحانه وحده لا شريك له في تحققها، والتعالي على الخلق هو التكبر عليهم واعتقاد العبد بلوغه مرتبة في الكمال لم يبلغها من حوله فيتجه إلى احتقارهم وتجهيلهم، ومن هذه حاله ينسى ما ورد مــــن النصوص في التحذير من مثل ذلك، ومنها قوله تعالى في الحديث القدسي : (الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار) ، وقوله -صلى الله عليه وسـلــم- (لا يدخــــل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)..
4- تذكر النصوص الآمرة بتعهد القرآن والتحذير من نسيانه :
وردت نصوص كثيرة تحث على تعاهد القرآن وتحذر من هجره ونسيانه ومنها :
* وعن أبي موسى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : (تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً من الإبل في عقلها).
5- نسيان القرآن سببه الذنوب والمعاصي :
جاءت الكثير من النصوص التي تجعل ذنوب العبد سبباً لما يصيبه من مصـائــب وبـلايـــا والـتـــي من أعظمها ولا شك نسيان القرآن الكريم، ومما جاء في ذلك قوله-صلى الله عليه وسلم-: (لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر) ، وقد كان هذا الأمر جلياً في أذهان السلف، ولذا قال الضحاك مزاحم : (ما من أحد تعلم القرآن فنسيه إلا بذنب يحدثه لأن الله تعالى يقول : ((وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)) ، وإن نسـيـان الـقــــرآن من أعظم المصائب) ، بل إنهم - رحمهم الله تعالى- كانوا يقفون موقفاً صارماً ممــن هـــــذه حاله كما جاء من طريق ابن سيرين بإسناد صحيح في الذي ينسى القرآن كيف أنهم كانوا يكرهونه ويقولون فيه قولاً شديداً، وقد ذكر القرطبي - رحمه الله - سبب تلك الكراهية وذلك الموقف الشديد فقال : (من حفظ القرآن أو بعضه فقد علت رتبته بالنسبة إلى من لم يحفظه، فإذا أخل بهذه المرتبة الدينية حتى تزحزح عنها ناسب أن يعاقب على ذلك، فإن تَرْك معاهدة القرآن يفضي إلى الرجوع إلى الجهل والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد).
بل إن بعضهم يعده ذنباً كما روى أبو العالـيــة عن أنس موقوفاً (كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه) .
بعض الأقتراحات للمراجعة والتثبيت :1- الأخ القرآني : كلما أمكن أن يكون لك أخ في الله تحفظ معه القرآن في نفس مستواك أو أعلى منك يعينك على الحفظ ويشجعك
2- المعلم المتقن :فهو من أهم الأشياء التي تُعينك على التثبيت يصحح لك تلاوتك ويضع لك علامات لما تشابه عليك
3- حلقات القرآن
التحق بحلقات تثبيت واحرص على أت تلتحق بأصحاب الهمم العالية
4- البعد عن المعاصي :
من أهم الأشياء التي تعين على الحفظ ترك المعاصي والذنوب
5- القراءة بما حفظت في الصلاة والنوافل
6- تعليم وتحفيظ القرآن
علم من حولك ما علمت ( صغارا وكبارا)
جداول لمراجعة القرآن الكريم (من كتاب خير معين )
0 تعليقات