سورة الرحمن
هدف السورة :
بيان نعم الله تعالى في الدنيا والآخرة والحث على شكرها والتحذير من تكذيبها أو الغفلة عنها
قال البقاعي:
ولما ختم سبحانه القمر بعظيم الملك وبليغ القدرة، وكان الملك القادر لا يكمل ملكه إلا بالرحمة، وكانت رحمته لا تتم إلا بعمومها، قصر هذه السورة على تعداد نعمه على خلقه في الدارين، وذلك من آثار الملك، وفصل فيها ما أجمل في آخر القمر من مقر الأولياء والأعداء في الآخرة، وصدرها بالاسم الدال على عموم الرحمة براعة للاستهلال
التصنيف : مدنية
سبب التسمية :
لأنها استهلت بهذا الإسم الجليل كما ظهرت في جميع آياتها آثار الرحمة وظلالها
آياتها : 78
أسمائها : الرحمن
ضبط متشابهات السورة :2- ضبط آيات الجنة
1- قوله: {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} أَعاده ثلاث مرّات فصرّح ولم يُضمر
قيل: لأَنَّ كلّ واحد غير الآخر: الأَوّل ميزان الدّنيا، والثاني ميزان الآخرة، والثالث ميزان العقل.
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ | وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ |
ذَوَاتَا أَفْنَانٍ | مُدْهَامَّتَانِ |
فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ | فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ |
فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ | فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ |
مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ | ........... |
وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ | .......... |
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ | فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ() حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ()لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ () |
كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ | ........ |
هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ () | .......... |
مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ |
ذكر الله تعالى في اخر سورة الرحمن جنتي المقربين ثم ذكر جنتي أصحاب اليمين ولكن هناك فروق دقيقة في وصف الجنتين تدل على ان جنتي المقربين أكمل وافضل تنبه لها العلماء وذكروها رحمهم الله
قال ابن القيم رحمه الله
"والسياق يدل على تفضيل الجنتين الأوليين من عشرة أوجه
- أحدها قوله (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) وفيه قولان أحدهما أنه جمع فنن وهو الغصن والثاني أنه جمع فن وهو الصنف أي ذواتا أصناف شتى من الفواكه وغيرها ولم يذكر ذلك في اللتين بعدهما
- الثاني قوله (فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ) وفي الآخريين ( فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ) والنضاخة هي الفوارة والجارية السارحة وهي أحسن من الفوارة فإنها تتضمن الفوران والجريان
- الثالث أنه قال ( فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ) وفي الآخريين ( فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ) ولا ريب أن وصف الأوليين أكمل..
- الرابع أنه قال (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) وهذا تنبية على فضل الظهائر وخطرها وفي الأخريين قال ( مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) وفسر الرفرف بالمحابس والبسط وفسر بالفرش وفسر بالمحابس فوقها وعلى كل قول فلم يصفه بما وصف به فرش الجنتين الأوليين
- الخامس أنه قال (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) أي قريب وسهل يتناولونه كيف شاؤا ولم يذكر ذلك في الآخريين
- السادس أنه قال (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ) أي قد قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يرون غيرهم لرضاهن بهم ومحبتهن لهم وذلك يتضمن قصر أطراف أزواجهن عليهن فلا يدعهم حسنهن أن ينظروا إلى غيرهن وقال في الآخريين (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) ومن قصرت طرفها على زوجها باختيارها أكمل ممن قصرت بغيرها
- السابع أنه وصفهن بشبه الياقوت والمرجان في صفاء اللون وأشراقه وحسنه ولم يذكر ذلك في التي بعدها
- الثامن أنه قال سبحانه وتعالى في الجنتين الأوليين (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) وهذا يقتضي أن أصحابهما من أهل الاحسان المطلق الكامل فكان جزاؤهم بإحسان كامل
- التاسع أنه بدأ بوصف الجنتين الأوليين وجعلهما جزءا لمن خاف مقامه وهذا يدل على أنهما أعلى جزاء الخائف لمقامه فرتب الجزاء المذكور على الخوف ترتيب المسبب على سببه ولما كان الخائفون على نوعين مقربين وأصحاب يمين ذكر جنتي المقربين ثم ذكر جنتي أصحاب اليمين
- العاشر أنه قال (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ) والسياق يدل على أنه نقيض فوق
ويقول د /فاضل السامرائي:
. في الأولى قال (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) وفي الثانية قال (مُدْهَامَّتَانِ) الأولى أعلى لأن الأفنان تطلق على ضروب عدة والأفنان جمع فنن وهي عموم النعم هذه لا يفيد معها مدهامتان، مدهامتان أي شديدتا الخضرة تميل إلى السواد لم يذكر نِعَم وإنما ذكر الخضرة، مدهامتان كلمة عربية هذه صيغة إفعالّة وهي قليلة في اللغة مثل إحمارّ واصفارّ وهي أشد وفيها مبالغة أكثر، أدهم من مدهامتان أي يميل إلى السواد. مدهامتان أي مائلتان إلى السواد من شدة الخضرة. فهنا إذن (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) أعلى.
(فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ) مقابل (فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ) أي فيهما ماء قليل وتجريان أقوى، وأقل من الضخ النضح.
(فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ) أكثر وأقوى من (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ).
(مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) مقابل (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) في الأولى ذكر البطائن ولم يذكر الظاهر، البطائن من استبرق فما بالك بالظواهر؟ ولذلك قسم قالوا الظواهر هي من النور الجامد.
قال (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ) مقابل (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ) قاصرات لا تنظر إلى غير زوجها لا ترى أفضل منه ولا أحب منه فهي قاصرة الطرف على زوجها، أما مقصورات أي مثل المحبوسات في الخيام محددة إقامتهم.
وقال (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) ولم يقلها في مقصورات في الخيام ( ثم قال (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) ولم يقل مثل ذلك في الثانية.
إذن في كل لفظة الأولى أعلى (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ).
أقرأ أيضًا ما جاء في تفسير السعدي
اقرأ ايضا :اختبار في سورة الرحمن
تنبيه : بالرجاء عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي
0 تعليقات